الجمعة، 3 مايو 2013

اللغة العربية


هل اللغة العربية تضعف أم تقوى مع الزمن؟ اللغة العربية مرتبطة بالإسلام و فهم القرآن ، وقد حاول المستعمرون الغربيون ومن صدّقهم تنحيتها , و تغيير اللغة أمر صعب جداً ، لكنهم يخططون للأجيال البعيدة . و لولا أن الإعلام العربي محتاج للغة الفصحى لنـُسيت و ضاعت, فالإعلام والكتب والمجلات أيض
اً احتاجت للغة الفصحى لأنها لغة تجمع العرب . و قد قامت الحرب على اللغة العربية منذ الانتداب البريطاني , كمحاولة لتهميشها وبالتالي تهميش القرآن . والحركة القومية أحيت اللغة العربية الفصحى ، فصارت الكتابة في المجلات والجرائد والإعلام بالفصحى ، وظهر أدباء الإحياء. وأراد أعداء العربية المستعمرون وغيرهم أن يُذلوها ، لكنهم أعزّوها. والبعثات التنصرية الفرنسية احتاجتها للتواصل مع العرب وأنشأت المطابع العربية ، فأعزّت العربية . الإعلام احتاجها للتواصل مع العرب من كل الجنسيات , فالإعلام (الغربي خصوصاً) عـَصْرَنَ اللغة العربية لأنه احتاج إليها. صحيح أن من لديه لغة أجنبية يستفيد و يتعلم أكثر ، لكن إذا نظرنا للأجيال البعيدة فلن يكون هذا بصالح اللغة الأم , فلاحقاً ستكون أسماء الأماكن الفخمة كالمطاعم الفخمة والفنادق باللغة الإنجليزية فقط , و هكذا سيؤول حال العرب إلى أن يكون القرآن و كأنه بلغة أجنبية بعد حوالي مئة سنة , فلا يكون للقرآن أمة ٌ تتكلم لغته ، وهذا ما يطمح له أعداء العربية . لكن تأمل كيف حِفْظُ الله للقرآن ولغته, {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . في الفترة التي نعيشها ، نرى أشرس هجمة على القرآن ، ومع ذلك اللغة العربية عزيزة ٌ في هذا الجيل أكثر من الأجيال السابقة من قبل 200 إلى 500 سنة ، فترى الطفل يتكلم بالفصحى ، بينما لو رجعنا لوثائق آبائنا و الصكوك الرسمية التي كتبوها ، فسنجد أن أغلبها كتبت بالعامية أو بفصحى مخلوطة بالعامية ومكسرة. المطابع التي أوجدت في لبنان و مصر (مع أن إنشاءها كان بقصد التغريب والتبشير المسيحي عن طريق اللغة العربية) و لكنهم نشروا اللغة العربية دون أن يقصدوا, فمثل كتاب "البيان والتبيين" للجاحظ كان مجرد مخطوطة ، و بعد المطابع أصبح منتشراً في كل مكان , فغريب أن تأتي نهضة حديثة لتُعزّ و تنشر القرآن بين الناس من غير قصد! والحقيقة أن ما كسبه الناس من اللغة الانجليزية في النهضة الحديثة لا يعادل شيئاً مما كسبه الناس من اللغة العربية الفصيحة. فبعد سيطرة المماليك والأتراك بدأت تضعف اللغة العربية تدريجياً, و كانت سائرة بالتحلل, فكانت تأخذ كلمات أجنبية كالتركية وعاميات تبتعد عن اللغة الأصل , لكن الآن يحدث ما نراه في لغة المثقفين ، نرى الجزائري والكويتي واليمني من المثقفين مثلاً يتكلمون نفس اللغة تقريباً وهي قريبة من الفصحى , نجد أن ثلاثة أرباع كلام لغة المثقفين منهم بالفصحى تقريباً , و تتبقى مسألة الإعراب الذي لا يدققون فيها كثيراً . ودخلت اللغة العربية الفصحى حتى إلى اللهجات العامية, مثلاً في السابق كان الناس في بعض المناطق لا ينطقون حوف (القاف) إلا بالقاف العامية وليست بالفصحى ، و الآن بدأت تـُنطق بالفصحى , وكثير من الناس يقولون أن اللغة العربية تتضاءل و تضمحل, لكن لو نرجع إلى 400 سنة ، هل ستجد طفلاً صغيراً ينطق اللغة العربية و كلماتها بهذا الشكل؟ ربما لا تجد عَالِماً ينطقها مثله في أغلب البيئات!! والعجيب أن من نشر الفصحى هم العلمانيون والغرب أنفسهم والمتأثرين به من ملاحدة وليبراليين ، وكلهم بلا شك ليسوا دعاة الإسلام !! فعجيب أمر هذا التسخير للغة القرآن! وحتى الملاحدة الذين يكتبون هجومهم على الإسلام يكتبونه بالفصحى وليس بالعامية مع أنهم يستطيعون ذلك . الآن من يتكلم اللغة العربية الفصحى بطلاقة فيعتبر ذلك مصدر فخر له و يتكلم بثقة في الإعلام , بدليل أنك لو ترى في برنامج تلفزيوني متصلاً يتكلم بالفصحى فسيتلقاه الناس بشكل أكثر جدية ممن يتكلم بالعامية , و من يتكلم بالفصحى بطلاقة هو من يسمى الآن مثقفاً و ليس من يتكلم لغة إنجليزية , فمن يتكلم الفصحى تعلم أنه قارئ بلا شك ، لكن من يتكلم لغة انجليزية أو أي لغة أخرى لا تضمن أنه قارئ , فقد تعرف شخصاً يتكلم لغة الأردو مثلاً و لا تستطيع أن تقول أنه مثقف ، بل ربما ظروف عمله أو قرابته جعلته يتكلمها. فبما أن الشخص يجيد التكلم بالفصحى ، إذاً هو مثقف، هكذا يرى الناس . فأحدٌ يجيد لغة إنجليزية ولا يجيد الفصحى لا يسمى عند الناس مثقفاً. اللهجة العامية صارت تنحسر إلى حد المنزل ، و كلما تبتعد أكثر عن المنزل كلما تقترب إلى اللغة العربية الفصحى , إلى أن تصل للكتابة ، حيث تكون بالفصحى بالكامل, فصار من يريد أن يأخذ احتراماً أكثر يتكلم بالفصحى ويكتب بها. فصار هذا قانوناً عند العرب , ومن يريد أن يسبغ على كلامه لغة علمية أو غربية ، يـُدخل على كلامه الفصيح كلمات إنجليزية . ومن يلجأ للغة الأجنبية ليعبـّر يجدُ أن وضعه ممجوجاً , لكن من يضطر للغة الأجنبية اضطراراً ليعبـّر فهذا من كمال الثقافة . لكن من يجيد الأجنبية أكثر من العربية فيعتبر هذا من قصور الثقافة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق